أهمية المبادرة الفردية

أهمية المبادرة الفردية في الأطر التنظيمية والحركية[1]

  • أهمية المبادرة الفردية  في الأطر التنظيمية والحركية[1]

اخرى قبل 4 سنة

أهمية المبادرة الفردية

في الأطر التنظيمية والحركية[1]

                                                         محمد  قاروط أبو رحمه[2]

1-  مقدمة:

هذا الملف/الدراسة يصف الواقع الحالي الفعلي لبعض الأطر الحركية،[3] وهو تنظير لتجربة حركة التحرير الوطني الفلسطيني- فتح على مدى عقود في كيفية التعامل والتفاعل بين الأطر الحركية بعطائها الجماعي (روح الفريق) ومبادرات الأعضاء.

يحاول هذا الملف المساهمة في إعادة الاعتبار للمبادرات الفردية ضمن تركيزنا على أهمية عمل الفريق، وتبيان أهميتها وكيفية التعامل مع المبادرة والمبادر.

يحاول هذا الملف توضيح التفاعل المحتمل من الأطر الحركية مع المبادر والمبادرة.

هذا الملف ليس وصفا للواقع الحالي في كيفية التعامل مع المبادر والمبادرة في اطر حركة فتح، وإنما هذا الملف فيه تحفيز لأعضاء حركة فتح لاستعادة دورهم في المبادرة الفردية من جهة وتكريس العمل الجماعي والعمل بروح الفريق من جهة أخرى.

بعض الأمثلة الواردة في هذه الدراسة هي للتوضيح فقط.

 

2-   مكانة العضو في حركة فتح:[4]

العضو الحركي أساس البناء التنظيمي، وتقع على كاهله مسؤولية استمرار شعلة الثورة والنضال حتى النصر.

يمارس العضو الحركي مهامه النضالية منفردًا، أو في إطار تنظيمي أو حركي (عمل جماعي)[5].

من العوامل الأساسية المهمة في ارتقاء العمل النضالي الجماعي كماً ونوعاً جودة انفعال أعضائه بمبادرات ذاتية فردية تجتهد في دعمه بكل جهد فكري إبداعي ينضج لدى صاحبه ثم يتحول بالمبادرة إلى مشروع لصالح الجماعة قابل للدراسة الجماعية والتقييم بهدف تحويله - إن كان صالحاً - من رؤية فردية إلى موقف جماعي تتبناه الجماعة (أو الفريق) لتحقيق إنجازات معنوية أو مادية.

أساس كل فعل مبادرة فردية، فكم من مبادرة فردية أدت بالشعب إلى تحرير أوطان، ولنا في الخالد فينا ياسر عرفات وإخوانه النموذج، وكم من مبادرة صغيرة أصبحت مشروعاً خالداً للشعب[6].

 

 

3-   المبادرة الفردية لغة واصطلاحاً:

 المبادرة في اللغة العربية دالّة على المسابقة والمسارعة والاكتمال، فبَدَرَ القمر أي اكتمل، وبادر فلان إلى الشيء أي أسرع، وبدر إلى الزرع أي بكّر به أول الوقت، والمقصود أن المبادر سبق غيره في الأمر[7].

والمبادر أيضا هو العضو  الذي يسبق غيره عندما يكون الأمر متاحاً للجميع ومطلوباً من الجميع فعله.

 ويمكن تعريف المبادرة الفردية اصطلاحاً بأنها: المسابقة على النضال فكراً أوقولاً أو فعلاً نتيجة انضباط والتزام وانفعال ذاتي يترجم إلى عمل مثمر لصالح الجماعة (أو فريق العمل) والشعب تضيف به خيراً أوتتقي به شراً.

 

4-   أشكال  تقديم المبادرة

قد تصدر المبادرة من العضو الحركي بإرادة فردية (لجان حراسة القرى ضد المستعمرين مثلا في فلسطين والتي ابتدأت من نابلس ثم امتدت)  أواستجابة لطلب إطار عمل للقيام بمهمة  غير محددة لشخص بعينه، وإنما هي متاحة لكل المتسابقين الراغبين (بناء أكاديمية فتح الفكرية الشهيد عثمان أبو غربية[8]) من قبل الأخ توفيق الطيراوي، وقد تقدم إلى الجهة المعنية رأياً شفوياً أو دراسة  أوتقديرا لموقف (كيف نفوز بالانتخابات مثلا)  وقد تكون إنتاجاً فنياً من شعر ومسرح، أو مالاً داعماً للعمل العام أو زيارة اسر الشهداء والأسرى.

المبادرة الذاتية الفردية تشمل كل أشكال العمل النضالي التي تتطلب إضافة فردية إيجابية دعماً لجهود الجماعة للقيام بالواجب العام.

 

5-   المسؤولية الفردية للعضو الحركي[9]:

إن لم تُكلف بمهمة، هذا لا يعفيك من المسؤولية الفردية عن استمرار العمل النضالي، العضو الحركي منارة في داخل الأطر أو خارجها، فحسّهم وانفعالاتهم تجاه قضايا شعبهم ليست جامدةً.

 العضو الحركي دائم التفكير الإيجابي الذي ينتج عملاً أو موقفاً يتصف بالسبق دون تعالٍ، والتفرد ليكون المثال الذي يقتدي به وتستفيد منه الجماعة.

المبادرة الفردية في صلب عقيدة العضو الحركي أو لنقل قِيَمه، لأنه أساسا بادر إلى الالتحاق بالحركة ليكون واحدا من الذين يعملون من أجل شعبهم ووطنهم،  والعضو الحركي مبادر إلى الخير من أجل شعبه لأنه يعلم أن الله حثه على ذلك، {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ} (البقرة:148)

{ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ"133"} (آل عمران).

 

6-   المبادرة الفردية في فكر حركة فتح:

حرصت حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح على المبادرة الفردية الإيجابية وربطها بالتذكير بالمشروع التحرري والعمل من أجله دون كلل، وتخطي كل المعوّقات الذاتية او الموضوعية المترصدة بالعمل الوطني،  فالعضو الحركي لا يفرط في مساحة العافية المتاحة له زمناً ومكاناً وإمكانيات، مستثمراً ذلك لصالح شعبه، فكل مبادرة كقطرة ماء تلتحم بأختها حتى تشكل نهرا.

إن الأطر الحركية تشجع أعضاء الحركة على المبادرة والتحرك الإيجابي الدائم فكراً وقولاً وعملاً في سبيل استمرار حشد الطاقات وتوجيهها لخدمة حركة الشعب نحو الخلاص من الاحتلال، وتثبيت صمود شعبنا على أرضه، وتعزيز الرواية الفلسطينية في مواجهة الرواية الصهيونية الفاسدة، وتعزيز الإيمان بالنصر، وتطوير مناحي حياة شعبنا والتنمية وتحسين نوعية التعليم والصحة، والمساهمة في السلم والأمن المجتمعي، والتحذير من السلوكيات التي تهدد السلم الأهلي، والعادات التي تخالف قيم المجتمع، والمساهمة مع أصحاب الاختصاص في تحديدها ومساعدتهم على مواجهتها.

 

7-   عائد المبادرة الفردية على العضو الحركي:

 تُكسب المبادرةُ الفردية صاحبها فوائد خاصة أهمها وضعه موضع الثقة لدى إخوته، وتقديمهم له على أنفسهم، وشعوره بالرضا عن نفسه، والرضا الذاتي أو عن النفس الذي نراه يأتي نتيجة جهاد وصراع ونضال الذات، والعمل عبر مواجهة أخطاء الذات وتصويبها ومسامحتها، وعدم المقارنة بالآخرين، والبحث عن نقاط قوتنا الذاتية وتنميتها أو الاستثمار بها، وإغداق الحب على الآخرين وعلى الذات.

 

8-   فوائد الجماعة من المبادرة الشخصية[10]:

تُكسب المبادرة الفردية الجماعةَ (أو فريق العمل)[11] فوائد شتى قد تفوق فوائد الفرد المبادر فهي عمل حميد واستجابة لتوجهات الأطر الحركية في خدمة الشعب.

ومن فوائد المبادرة الفردية الذاتية أنها قد تدفع الجماعة إلى موقف صحيح كانت غافلة عنه أو متهيبة له خائفة منه أو لم يكن من أولوياتها الحالية،  مثل مبادرة إنشاء لجنة التدريب وإعداد الكادر في حركة فتح منذ العام 1991 في تونس[12] تحت رعاية مسؤول التعبئة والتنظيم الاخ أبوماهر غنيم، ومبادرة أكاديمية فتح الفكرية في فلسطين، وعقد آلاف الندوات والدورات المثمرة، وحتى كتابة هذه الورقة أوكتابة الكتب كل ذلك وغيره يعتبر من المبادرات الفردية التي تستفيد منها الجماعة.

إن تجربة حركة فتح تزخر بالمبادرات الفردية التي دفعت الجماعة للعمل، تبدأ بمبادرة فردية أو لفريق محدد ويتم تبنيها من قبل الحركة لعقليتها المنفتحة الداعمة أبدا لما يخدم فلسطين.

وكما الحال مع مبادرة "دير حجلة" و"قرية الكرامة" و"باب الشمس" الشبابية كنموذج في مواجهة الاحتلال والمستعمرات، وأمثالها الكثير، ومثل مبادرة الانطلاق بالمقاومة الشعبية السلمية[13] منذ العام 2005 والتي تم تبنيها من قبل كافة الفصائل -حتى التي رفضتها- لاحقا، وحتى اليوم بتجليات لا مثيل لها في مختلف الأماكن في الخان الأحمر،[14] وبلعين ونعلين وكفر قدوم وفي النبي صالح، وفي الخليل وفي المعصرة، وبيت جالا، وفي غزة، وفي وادي حلوة بالقدس، ومعركة البوابات في المسجد الأقصى عام 2017 ....الخ.

وفي وقتنا الحاضر نجد خلف الثورات العارمة حدثاً صغيراً يعد مبادرة من شخص واحد أو مجموعة صغيرة دعت الشارع العام إلى التحرك، فيصبح هذا الحدث الصغير مشروعاً تغييريا كبيراً.

وهكذا نجد أن كل إنجاز كبير كان ثمرةً لمبادرة فردية من شخص واحد أو عدد محدود من الأفراد تبنته الجماعة.[15]

وفي هذا المجال لا يغيب عنا مبادرة مقاطعة الاحتلال على المستوى العالمي والتي تقوم بها حركة المقاطعة العالمية BDS[16].

 

9-   التشجيع على المبادرة:

كان المؤسسون والرواد الأوائل في حركة فتح يوفرون الظروف المناسبة للمبادرات الفردية، وكانوا يستنهضون همم الأعضاء  على المبادرات الفردية الإيجابية التي تساهم في دفع عجلة النضال  في كل المجالات. لنقتدي بهم.[17]

 

10-        تهذيب المبادرة:

المبادرة كائن يولد صغيراً ثم يكتمل نموه تدريجياً، وقد تكون بحاجة إلى نقاش وبلورة وصياغة من قبل جهة اختصاص قادرة  على التقييم أو من خلال القيادة التي ترى الأمور بنظرة شاملة بما لها من إمكانيات لا تتوافر للفرد الواحد، ولهذا لا يضير ولا ينتقص من قيمة المبادر والمبادرة  إخضاع المبادرات الفردية إلى إجراء تقييم لها من خلال دراسة خاصة.

ليس لكل مبادر أن يزعم أن مبادرته صواب مطلق، ولا هي الحق الذي لا يحتمل الخطأ، كما ليس له الحق في فرض مبادرته على الجماعة دون الحصول على إقناعها بصحة المبادرة[18].

 

11-        مكانة المبادرين في الحركة:

إذا كتب الله نجاحاً للمبادرة الفردية فتقبلتها الجماعة وبنت عليها موقفاً وقراراً، وانتفعت بما فيها من خير، فسيكون من واجب الجماعة أن تحتفظ بمكانة خاصة لصاحب المبادرة، وأن تعتني به وأن تمنحه من الحقوق ما تستحقه المبادرة من اعتراف بفضل السبق وعلوّ المكانة الأدبية، والقيام بحماية المبادر وإكرامه والتجاوز عن تقصيره أو إساءته مستقبلاً، فخطؤه وتقصيره اللاحق يتضاءل أمام مبادراته السابقة العظيمة لصالح الجماعة، ولكن ليسبالقفز عن القانون أو النظام الداخلي.

 

12-                موقف الأطر الحركية  من المبادرة الفردية:

يلزم الأطر الحركية تطوير موقفها من مبادرة أعضاء الحركة، ومن التجربة يمكن توثيق النقاط التالية:

o      سماع المبادرة والاهتمام بها.

o      تطويرالمبادرات الفردية بدراستها عبر الأطر وجهات الاختصاص.

o      الاستفادة منها في العمل الجماعي.

o      عدم المعاقبة على أخطاء المبادرات الفردية والرفض المهذب المبرر للمبادرات غير المناسبة.

o      يجب التعامل مع المبادرة الفردية بجديّة والاهتمام بها حتى لو لم تكن صالحة كبداية، وذلك بالطلب من صاحبها تطويرها وتعديلها، او من خلال حلقة نقاش لفريق ما.

o      كل مبادرة فردية هي ناتج جهد فردي جسدي أو ذهني لذلك وجب تقدير المبادر والمبادرة، في إطار أولوية العمل ضمن الفريق أوالجماعة.

o      المبادر مجتهد فان أصاب له أجران وان أخطأ فله أجر.

 

13-       التفاعل السلبي مع المبادرات:

 الأطرمن لجان أو هياكل أو قيادات التي لا يروق لها طرح المبادرات الفردية، أولا تسعى لتشجيعها تحت رعاية الجماعة، أو لاتتيح مجالاً للترحيب بها، أو على الأقل سماعها وتقبلها، وتلجأ لتهميشها، تعالياً أو تجاهلاً أو تضايقاً، تحكم على نفسها بالفشل لأنها تصبح طاردة لماء حياتها النابع من مبادرات مجموع أعضائها، وتحول المنهج الديمقراطي في الحركة إلى منهج استبدادي "دكتاتوري" يقود إلى هلاك أصحاب هذا المنهج.

 

14-       تعدد  المبادرات الفردية تجاه أمر واحد (خيارات):

قد تتعدد مبادرات أعضاء الحركة في الإطار الواحد تجاه أمر واحد، وقد تتفق أوتتكامل او تتعارض.

هذا الامر صحي جدا، في سياق فهم تعدد الخيارات أو الاحتمالات، فعندما يواجه الإطار الحركي عقبة في عمله او يريد تطوير عمله فان من الصحي جدا بل من الواجب على أعضاء الإطار الحركي التحرك بمبادرات فردية لمعالجة المستجدات.

مبادرات الأعضاء الفردية هي اجتهادهم الخاص ضمن خطوط فكر الحركة وقيمها، وعندما تعرض على الجماعة (الإطار/الجماعة/الفريق) فإنها تصبح ملك للإطار، الذي يقيمها، ويقوّمها ويعدّلها، ولأنها ملك للإطار الحركي فإنه من الممكن أن يكون أعضاء آخرين قد قدموا مبادرات مشابهة او مبادرات بحاجة إلى تطوير اومبادرات قد تتعارض مع بعضها، ومعالجة المتعارض من المبادرات بحاجة إلى حكمة أهمها عدم وصول النقاش إلى طرق مسدودة أو تحول الأمر من نقاش مبادرات (هي خيارات قد تكون صواب متعدد) إلى نقاش شخصي ينتهي بخلافات.

 

15-       المبادرة التي تتهم[19]:

قد تأخذ المبادرة الفردية منحىً سلبيا أتهاميا للقيادة دون دليل مادي، ولهذا تستحق غض الطرف عنها في أحسن الأحوال، وربما استحقت مقاضاة صاحبها أو ربما كانت مدخلاً للتحقيق والتحري إن صدرت من شخص ذي سوابق سلبية أو متهم بصلات سلبية مع آخرين.

النقد المشروع الواجب على الأعضاء يهدف إلى التطوير ومن خلال تعديل التصرف وتطويره، أما الاتهامات فهي تشوش العمل فلا تصح أبدا. [20]

يتبع ذلك نقل الفاحش من القول، أو تعميم السلوك السلبي للأعضاء.

مثل هذه المبادرات شبيه بمبادرة مسجد الضرار،[21] ويجب معاملتها كما تم التعامل مع مسجد الضرار[22].

 

16-        المبادرة المتعصبة:

ما كانت حركة التحرير الوطني الفلسطيني-فتح يوما متعصبة إلا لفلسطين، ولأمتها العربية، ولسياقها الحضاري، ولم تكن متعصبة أبدا لذاتها. تتميز حركة فتح عن كل التنظيمات والأحزاب في فلسطين والمنطقة العربية بأنها تعمل لغيرها (المقصود لغير إطارها الداخلي ومصلحتها الخاصة) أي لفلسطين، ولم تسعى ولن تسعى ابدأ على تغليب نفسها على الشعب وقضيته.

أدى ظهور الحركات العقدية (الفكرانية/الأيديولوجية) والتي لديها التزام حديدي كما تقول، وأحيانا التزام أعمى إلى محاولة البعض فيها مقارنة التزام أعضاء حركة فتح بأعضاء التنظيمات العقدية، هذه المقارنة غير عادلة لأنها تريد ألمقارنه على الظاهر فقط.

إن الأصل في الالتزام لدى أعضاء حركة فتح هو التزام ذاتي غير خاضع لمؤثر وتهديد خارجي سواء بالسيف أوبعصا احتكار العقيدة أوالشخص المستبد، وهذا الالتزام قد تعتريه بعض التشوهات نتيجة عوامل متعددة منها ذاتي للعضو نفسه أوذاتي داخل الأطر الحركية أو موضوعي متعلق بالظرف السياسي اوالاقتصادي...الخ.

يجب التذكير هنا أن أحد أهم عوامل استمرار حركة فتح وديمومتها كان دائما مرهون فقط بالالتزام الذاتي الطوعي لأعضائها.

إن حركة فتح لا هي لينة لتُعصر ولا هي صلبة لتُكسر، وعلينا مقاومة المبادرات المتعصبة في حركة فتح داخليا او التعصب في مواجهة المنافسين والخصوم، لأن عدونا في حركة فتح فقط هو الاحتلال الصهيوني لأرض فلسطين.

 

17-        مبادرة صحيحة لا تلقى استجابة[23]:

بعض المبادرات النظرية أو الميدانية صحيحة ولكنها تُهزم في حينها، ولهذا أسباب عديدة منها أنها جاءت في غير أوانها (ولربما سبقت زمانها) أو في غير مكانها أو أنها عرضت بشكل غير صحيح أو قدمت أمام جماعة لا تقدر المبادرات أصلا ، أو لعدم اتفاقها مع قيم أو فكر الجماعة، أو لمخالفتها مسارفعل الجماعة حينها، ومنها ما يحدث عندما لا يستطيع المبادر إقناع الجماعة بمبادرته، أو قد تكون الجماعة (أو الفريق) غير مستعدة أصلا للتغيير، أو قد يكون قائد (مسؤول) الجماعة غير قابل للتجدد.

إذا صادف العضو الحركي المبادر ذلك، عليه تفهم الرفض وتقبل النتيجة وانتظار الأيام فلعل بالقادم الخير دوما، وعليه استمرار النضال الذاتي والجماعي، والعمل باتجاهات مختلفة فلا يرتكس أو ينتكس أويبتعد، والأيام ستوضح أن الحق أحق أن يتبع وفي الحق بدائل وخيارات ضمن عقلية التعدد في التخطيط والفكر.

 

  

18-       تنوع المبادرات من العضو الواحد[24]:

يمكن أن تتعدد نشاطات وأدوار العضو، وكذلك يمكن أن تتعدد مبادرات العضو الواحد بقدر حرصه على المصلحة العامة وعزيمته وتفاعله.

وقد تتعدد انجازات العضو أو الكادر العملية على الأرض ما هو أصل حركة فتح أي دوام الفعل والانجاز، وكذا الحال مع مبادراته النظرية والعملية قد تتكاثر لأن لديه إمكانيات ذهنية أوجسدية أو لامتلاكه طاقة فعل هائلة ومميزة، أو لكونه صاحب خبرة أطول في المجال.

الإطار الحركي الذي يضم أعضاء لديهم إمكانيات متعددة لتقديم مبادرات متنوعة ومتعددة ويستفيد منهم يكون أداؤه مميزا في إطار عمل الفريق المشتمل على الادوارالمتعددة من مبادر ومنشط ومنفذ ومدير وناقد ومبتكر ومبدع...الخ.

الإطار الذي يستحدث "خلية تفكير" تضمن الانتقال لخلية فعل وعمل مفيد للثورة والتنظيم والناس -وليس تنظير فكري بلا معنى- ضمن هيكله سيكون مميزا.

 

19-        وأخيرا:

ليس مقبولا من أي عضو حركي أن يقول أنا مهمّش أبدا[25]، فكل عضو حركي تقع عليه مسؤولية تجاه ذاته وتجاه بلده وتجاه تنظيمه، ومسؤولية أن يكون في إطار حركي لديه مهمة (واجب او عمل) يقوم بها. وحيث أن مهمة الإطارهي أن يستثمر الأعضاء بتشغيلهم وفق أدوارهم أو قدراتهم فلا يتحولون لكم مهمل او هامشي مجرد من الفكر أو التفكير أو العمل.

 

وانها لثورة حتى النصر

انتهى

 

 

 

________________________________________

[1] الأطر التنظيمية المركزية حسب النظام الداخلي هي: اللجنة المركزية والمجلس الثوري والمجلس الاستشاري ثم الأقاليم المناطق، الشعب...الخ. أما مقصدنا بالأطر الحركية فهي المكاتب الحركية في المنظمات الشعبية، والاطر الأخرى ذات الطابع الحركي في المؤسسات والمنظمات غير الحكومية، ولجان العمل المتخصصة في مساحات محددة.

[2] محمد قاروط أبورحمة من قيادات حركة فتح، مقيم في فلسطين، ذو تاريخ حافل باتجاهات نضالية متعددة، وله العديد من الدراسات والمقالات، وهو الى ذلك خبير في التدريب والدورات واعداد الكوادر، وحاليا عضو لجنة التعبئة الفكرية في حركة فتح، وعضو مجلس إدارة أكاديمية فتح الفكرية، أكاديمية الشهيد عثمان أبوغربية.

[3] على الأقل وبالحد الأدنى يمثل وجهة نظر الكاتب ومركز الدراسات.

 

التعليقات على خبر: أهمية المبادرة الفردية في الأطر التنظيمية والحركية[1]

حمل التطبيق الأن